وهم التميز الأكاديمي: هوس الحصول على شهادات التميز والاعتماد دون تحقيق تحول تعليمي حقيقي


31 0


في مختلف أنحاء العالم، تتسابق العديد من المؤسسات التعليمية والجامعات للحصول على جوائز التميز والاعتماد المؤسسي التي تمنحها هيئات الاعتماد العالمية، دون التزام فعلي بتحقيق تحول تعليمي جذري ومستدام. يمكن وصف هذه الظاهرة بـ "وهم التميز"، وهو اتجاه عالمي مثير للقلق يطرح تساؤلات حول مفهوم الجودة والتحسين المستمر.

فبالرغم من ان شهادات التميز والاعتماد العالمية التي تصدر عن هيئات الاعتماد تُعدّ بلا شك مؤشرًا على الإنجاز، حيث تمنح المؤسسة التعليمية او الجامعة شعورًا بالجودة، وتدعم مكانتها الريادية، وتساهم في تحسين سمعتها وموقعها في خارطة التعليم العالمي، إلا أن السعي المفرط للحصول على هذه الشهادات او الاعتمادات قد يؤدي أحيانًا إلى تراجع تركيز المنظمات عن التميز الحقيقي في أدائها وعملياتها، حيث تنشغل بتحقيق معايير محددة تتوافق مع متطلبات الجهات المانحة، متجاهلة بذلك الجوانب الأساسية للتحسين.

اين المشكلة؟

حيث أن إحدى أبرز مشكلات وهم التميز هي تغليب المظهر على الجوهر، حيث يتحول التركيز من تعزيز ثقافة الابتكار والتعلم المستمر إلى مجرد تلبية متطلبات الاعتماد. وهذا التحول قد يدفع المؤسسات التعليمية والجامعات للانشغال بإظهار الشهادات والاعتمادات بدلاً من الاستثمار في تحسين عملياتها وإجراءاتها بشكل مستمر.

علاوةً على ذلك، قد يشجع الضغط للحصول على شهادات التميز والاعتماد على تبني نهج سطحي في تحقيق المعايير المحددة، مما يعزز التفكير النمطي ويحد من الحلول المبتكرة للمشكلات الحقيقية. وفي هذه الحالة، تجد المؤسسات التعليمية والجامعات نفسها عالقة في دائرة الامتثال، حيث يصبح الهدف الأساسي هو الحفاظ على مظهر التميز دون تحقيق نمو وتغيير حقيقي.

ففي كثير من دول العالم، تسعى الكثير من الجامعات إلى نيل الاعتماد بهدف تحسين سمعتها وجذب الطلاب وتأمين التمويل، دون أن يكون هناك التزام فعلي بتحسين جودة التعليم. فيشكل هذا التوجه خطراً يتمثل في التفاوت بين ما تقدمه الجامعات على الورق وتجربة الطلاب الحقيقية ونتائج تعلمهم وجودة المخرجات.

ما هو الحل؟؟؟

وللخروج من وهم التميز، ينبغي على المؤسسات التعليمية والجامعات إعادة النظر في أولوياتها ونهجها في التحسين المستمر. حيث ينبغي أن تُعامل شهادات التميز كنتائج طبيعية للتفاني المستمر في التميز في جميع جوانب العمليات، وليس كهدف نهائي بحد ذاته.

ومن أجل تحقيق تميز حقيقي، ينبغي أن تتبنى المؤسسات التعليمية والجامعات نهجاً شاملاً ومستداماً في تقييم أدائها، مع الالتزام بالتكيف والتحسين المستمر. يتطلب ذلك بناء ثقافة تشجع على النقد الذاتي، وتقبل التغيير، وتثمن مساهمة جميع الأطراف. ورغم أن شهادات التميز قد تكون مؤشراً خارجياً على النجاح، إلا أنها يجب ألا تكون الدافع الوحيد وراء جهود التحسين.

بشكلٍ عام، يمثل وهم التميز تحدياً كبيراً أمام المؤسسات التعليمية والجامعات الساعية لتحقيق تحول حقيقي. وعلى الرغم من أهمية الحصول على الشهادات والاعتمادات الدولية، إلا أنه لا ينبغي أن يغطي ذلك على القيمة الحقيقية للتحسين المستمر والتفاني في التميز. حيث أن تبني ثقافة الابتكار والمرونة والتغيير العميق لن يؤدي فقط إلى الحصول على شهادات، بل الأهم من ذلك، سيقود المؤسسات التعليمية والجامعات نحو النجاح المستدام والتميز الحقيقي في عملياتها لتطوير القيادات المستقبلية وتحقيق متطلبات التنمية المستدامة.


Leave a Comment and Rate the Article:

Other Articles
More Articles
Comments and Ratings

No comments yet. Be the first to share your thoughts!