الإنترنت وتأثيره على الدفء الأسري وقضاء الوقت العائلي وخاصةً في شهر رمضان


367 0

مع تطور التكنولوجيا وانتشار الإنترنت في كل جانب من حياتنا، أصبحنا أكثر اتصالًا بالعالم الخارجي، لكن في المقابل، فقدنا جزءًا كبيرًا من الاتصال الحقيقي داخل منازلنا. لقد باتت شاشات الهواتف والأجهزة الذكية تسرق منا لحظاتنا العائلية الثمينة، مما أدى إلى تراجع الدفء الأسري وقلة الأوقات المشتركة بين أفراد العائلة. وفي شهر رمضان المبارك، الذي يُعد فرصة ذهبية لتعزيز الروابط الأسرية، يزداد تأثير الإنترنت السلبي على التجمعات العائلية، حيث يفضل البعض الانشغال بعالمه الافتراضي بدلاً من الاستمتاع بأجواء الشهر الكريم مع أسرته.

في الماضي، كنا نجتمع حول مائدة الطعام لتبادل الأحاديث والذكريات، أو نجلس سويًا لمشاهدة البرامج الرمضانية، أو حتى نتشارك في إعداد وجبة الإفطار والسحور. أما اليوم، فقد تغيرت هذه العادات بسبب الإدمان على الإنترنت، حيث أصبح كل فرد مشغولًا بجهازه، يراقب منصات التواصل الاجتماعي، أو يشاهد مقاطع الفيديو، أو ينهمك في الألعاب الإلكترونية، مما أدى إلى عزلة غير محسوسة بين أفراد الأسرة، حتى وهم يجلسون في غرفة واحدة.

من المثير للاهتمام أن انقطاع الإنترنت ولو لدقائق قليلة يمكن أن يعيد الأجواء العائلية الدافئة التي نفتقدها. فجأة، يجلس الأبوين مع أبنائهما، يتحدثون ويضحكون، وربما يلعبون معًا أو يتذكرون ذكريات جميلة. هذه اللحظات العفوية تجعلنا ندرك مدى تأثير الإنترنت على تباعدنا، خاصة في رمضان، حيث يُفترض أن تكون الأجواء الروحانية فرصة لتعزيز التواصل والتقارب بين أفراد العائلة.

فبالرغم من أن الإنترنت أصبح ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، إلا أنه من المهم وضع ضوابط لاستخدامه للحفاظ على الروابط الأسرية، خاصة في رمضان. ومن أهم الطرق لتحقيق ذلك:

1.      تخصيص وقت خالٍ من الإنترنت يوميًا: تحديد فترة معينة في اليوم، مثل وقت الإفطار أو بعد صلاة التراويح، لإغلاق الأجهزة الإلكترونية وقضاء وقت عائلي مميز.

2.      الاهتمام بالأنشطة العائلية المشتركة: مثل قراءة القرآن معًا، أو إعداد وجبات الإفطار والسحور، أو حتى ممارسة ألعاب ترفيهية تقليدية تزيد من التقارب الأسري.

3.      تناول الوجبات بدون هواتف: جعل وقت الإفطار فرصة للتواصل العائلي الحقيقي دون أي مشتتات إلكترونية.

4.      تنظيم جلسات رمضانية عائلية: سواء كانت لذكر تجارب الصيام، أو لمشاركة القصص والذكريات، أو لمتابعة البرامج الرمضانية معًا.

5.      الخروج في نزهات جماعية: استغلال أمسيات رمضان في المشي مع العائلة أو زيارة الأقارب لتعزيز التواصل الحقيقي.

بشكلٍ عام، يشكل شهر رمضان فرصةً للتقارب الأسري، والدفء العائلي، والمودة بين الأحبة. لكن إذا استمر انشغالنا بالإنترنت، فقد نفقد هذه الفرصة الثمينة دون أن نشعر. لذا، من الضروري أن ندرك أهمية استغلال هذا الشهر الكريم في إعادة إحياء الروابط العائلية، ولو من خلال خطوات بسيطة، حتى لا يأخذنا العالم الرقمي بعيدًا عن أجمل لحظاتنا مع من نحب.

ختاماً، أسأل الله ان يجعل رمضان شهر خير وبركة تُغفر فيه الذنوب وتُرفع فيه الدرجات ، شهرٌ تتقارب فيه القلوب وتزداد المحبة ويعم السلام

 



اترك تعليقاً وقيم المقالة:

مقالات أخرى

المقالات الفردية
التعليقات والتقييمات

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يشارك أفكاره!